التكملة
ثالثاً : من أفطر ناسياً أو مخطئاً .
ومثال الخطأ : من ظن أن الفجر لم يطلع فأكل وهو طالع ، أو ظن أن الشمس قد غربت فأكل وهي لم تغرب . فصومه صحيح و لا شيء عليه ، على القول الراجح من أقوال العلماء .
والدليل على ذلك حديث أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ قالت : " أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم غيم ، ثم طلعت الشمس " أخرجه البخاري .
وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه حقيقةُ الصيام : أنه لم ينقل أنهم قضوا ذلك اليوم ، ولو أمروا بقضائه لنقل إلينا كما نقل فطرهم .
ودليل الناسي حديث أبي هريرة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أكل ناسياً وهو صائم فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " متفق عليه .
رابعاً : مسائل القضاء .
المسألة الأولى : الحائض والنفساء يجب عليهما القضاء بالإجماع .
فعن معاذة ـ رحمها الله ـ قالت : " سألت عائشة رضي الله عنها فقلتُ : ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟.
قالت : أحرورية أنت ؟ قلت : لست بحرورية ، ولكني أسأل .
فقالت : " كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ، ولا نؤمر بقضاء الصلاة "أخرجه الشيخان ، واللفظ لمسلم .
وقولها : ( أحرورية أنت ؟ ) فإنه يقال لمن اعتقد مذهب الخوارج حروري ، نسبة إلى حروراء ، وهي بلدة قرب الكوفة ، وكان أولُ اجتماع للخوارج للخروج على علي بها ، فاشتهروا بالنسبة لها .( انظر الفتح 1/502) .
المسألة الثانية : المسافر يجوز له الفطر ، ولو لم يكن عليه مشقة بالصيام ، ويجب عليه القضاء إذا أفطر ؛ لقوله تعالى : " ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر ، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " ( البقرة158).
وعن حمزةَ بنِ عمروٍ الأسلمي رضي الله عنه أنه قال : " يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح ؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هي رخصة من الله ، فمن أخذ بها فحسن ، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه " أخرجه مسلم .
المسألة الثالثة : من أفطر في رمضان بغير عذر فهو آثم إثماً عظيماً ، وعليه التوبة إلى الله ، ويجب عليه قضاء ما أفطر على القول الراجح ، وهو قول الجمهور .
والدليل على وجوب القضاء عليه حديثان :
الأول : حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء ، ومن استقاء فليقض " حديث صحيح أخرجه أبو داود وغيره كما سبق.
الثاني : قوله عليه الصلاة والسلام للمجامع في نهار رمضان بعد أن ذكر له الكفارة : " وصم يوماً واستغفر الله " وفي رواية : " وصم يوماً مكانه " أخرجه مالك وأبوداود وابن ماجة وقال النووي في المجموع : " إسناد رواية أبي داود هذه جيد " . وصححه من المعاصرين أحمد شاكر في شرح المسند (6/147) والألباني في الإرواء (4/90) .رحمهم الله.
المسألة الرابعة : إذا كان الفطر متعمَّداً بالجماع فيجب مع القضاء الكفارة ، وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ؛ لحديث أبي هريرة في الصحيحين .
المسألة الخامسة : المريض الذي يشق عليه الصوم بسبب المرض ، أو يحتاج إلى تناول علاج ، فإنه يجوز له أن يفطر ، بل قد يجب إذا ترتب على صيامه إلحاق ضرر به ، ويقضي ما أفطر ؛ لقوله تعالى : " ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر ".
ومثله في الحكم الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو ولديهما فإنهما مريضتان ، أو في حكم المريض .
المسألة السادسة في مسائل القضاء : العاجز عن الصيام .
والعجز نوعان :
النوع الأول : عجز ( مؤقت ) وهو الذي يرجى ذهابه ؛ كمن أصيب بمرض لا يستطيع معه الصيام لمدة سنتين أو ثلاث أو أربع ، وبعد ذلك يغلب على الظن شفاؤه و قدرته على الصيام ، وهذا الذي يسميه الفقهاء بالمريض الذي يرجى برؤه ، فهذا لا يجب عليه الصيام ، ويجب عليه القضاء إذا شُفي من مرضه ، ولو كان ذلك بعد عدة سنوات ، فحكمه حكم المريض .
النوع الثاني : عجز ( دائم ) وهو الذي لا يرجى ذهابه ؛ كالشيخ الكبير ، والمريض مرضاً لا يرجى برؤه كمن يحتاج إلى أخذ علاج في النهار طيلة حياته . فهذا لا يجب عليه الصوم ، ولا يستطيع القضاء ، وإنما يجب عليه : أن يطعم مكان كل يوم مسكيناً .
فعن عطاء ـ رحمه الله ـ سمع ابن عباس رضي الله عنما يقرأ : " وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين " قال ابن عباس : " ليست بمنسوخة ، هو الشيخ الكبير ، والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليطعما مكان كل يوم مسكيناً " أخرجه البخاري .
المسألة السابعة : الشيخ الكبير ، والمرأة الكبيرة إذا بلغا الهذيان وعدم التمييز : لا يجب عليهما الصيام ، ولا الإطعام لسقوط التكليف .
مفطرات الصوم و مسائل القضاء
د. يوسف بن عبدالله الأحمد
منقول من موقع صيد الفوائد
[url=http://www.saaid.net/Doat/yusuf/6.htm]تفضل هنا